عندما تهاجر الأحلام
أهداف محطمة، حياة اسودت بعد محاولات عدة باءت بالفشل ، دمار النفس والجسد و طموحات تبدو أبعد من أن تتحقق على أرض الواقع ، شباب يائس و طاقات فتية مهددة بالتلاشي و سياسات الدول خارج التغطية.
حكاية مؤلمة يعيشها شبابنا اليوم ، الذي يدرس و يكافح من أجل الحصول على شهادة تخول له دخول سوق الشغل… و هنا تكون المفاجئة الكبرى عندما يجد الشاب نفسه في مفترق الطرق ، بين أحلامه و طموحاته و بين ما تفرضه عليه حقيقة الأمور… لا شيء يدعو للتفاؤل ؛ الشركات الرأسمالية الكبرى تعتمد على الوساطة و المحسوبية ، و المؤسسات الحكومية تعتمد على التوظيف بالمباراة ، و المقاعد محدودة مقارنة بالكم الهائل للمترشحين من خريجي المدارس و الكليات.
في خضم هذه الفوضى العارمة ، ينتظر الشاب فرصته بأسى ، لعله يكون من المحظوظين و يتمكن من الاندماج في سوق الشغل رغم صعوبة الظروف.
ينتظر و ينتظر و يستمر في الانتظار دون جدوى ، فيقرر أخيرا الهجرة ، لعل الخير الوفير ينتظر خلف حدود الوطن.
يهاجر معظم الشباب اليوم عندما تتحطم آمالهم وسط واقع يملي عليهم الخضوع و الالتزام بما توفر و كفى… هذا الشباب الحالم بتغيير واقعه و الذي تجاوزت أحلامه نطاق المنطق و الواقع ؛ فهو يحلم بوظيفة مستقرة و حرة تسمح له بأن يستمر في ممارسة الحياة بكل راحة… شباب يحلم بإنجاز مهماته و هو مستلقي بشاطئ بإحدى الجزر الشمالية أو هو يطل من أعلى ناطحات السحاب بإحدى دول آسيا التي في جو طوال السنة.
كلها أحلام تبدو مبعثرة و طائشة و شبه مستحيلة من وجهة نظر الدولة و المجتمع و الأسرة الصغيرة. تتخلل قلوب شباب اليوم و عقولهم و يرونها ممكنة و بديهية خلف قضبان الوطن.
هجرة تلقبها الدولة بهجرة الأدمغة ، لكنها في الحقيقة هي الأحلام المحطمة التي تهاجر ، و التي لم يسمح الوطن بتحقيقها ، فيغادر الإنسان أحبته تاركا كل أجزاءه التي يرغب في التخلص منها و يهاجر إلى وطن الغير ، حيث يرضى أن يعيش غريبا على أن يظل متأبطا أحلامه ينتظر المعجزات.
هجرة تتعدد حيثياتها وأهدافها ، لكنها طاقات و مواهب و قدرات تهاجر إلى الغرب الذي يحسن الضيافة و يقدم لها كل المغريات حتى لا تفكر أبدا في العودة إلى بلدانها الأصلية.
ربما حان الوقت لكي نفكر في الأمر بجدية و أن نصوغ استراتيجيات و سياسات ذكية ، و أن نقدر شبابنا لأنه بمثابة شعلة للغد فالأوطان تعمر بشبابها.