اليابانيون والشغف (الجزء الثاني)
كنا قد تحدثنا سلفًا عن موضوع الشغف و أهميته و مكانته الطبيعية في حياة الناشئة و الشباب ،و أنهينا المقال بالحديث عن أمور مقترحة لاستبدال خطابات الشغف المؤججة للعواطف بها.
حاول إذاً أيها الشاب و أيتها الفتاة أن تطرح تلك الآراء المحفزة لملاحقة الشغف جانبًا وأن تتدرجا في عالم المهارات و الفرص و التجارب الحياتية .. و كونا على يقين بأنكما لن تعملا ما تحبان لأن البدايات يغلب عليها الصعوبة و لأن التعلم عادة ما يكون مرهِقًا و الالتزام بالضوابط هو تقييد للحرية إلى حد كبير ،و المثابرة قد تقلل من المتعة لكنها مثمرة في نهاية المطاف.
ثم انطلق/ي بعد ذلك باتجاه الانطلاقة اليابانية نحو تحقيق التوازن بين الدوائر الأربعة في حياتك :
١/دائرة الهوايات و الاهتمامات الشخصية(ماذا تحب؟ ):
و تشمل كل ما يغمرك بالسعادة في حياتك و يشع قلبك بالحب حين تمارسه.
٢/و دائرة المهارات و المواهب و الإمكانات(ماذا تجيد؟):
و تتضمن كل ما تملكه من مهارات فطرية.
٣/و دائرة العمل و موارد الدخل و الكسب:
وهي الوسيلة التي تكسب بها المال و توفر من خلالها متطلبات المعيشة.
٤/و دائرة الرسالة التي تحملها وعليك تبعة إيصالها للآخرين( ماذا يحتاج العالم منك):
وتعني الأثر الذي تود تركه في العالم و تشعر بقيمتك عند القيام به و تستطيع أن تضحي من أجله.
وتتقاطع الدائرتان الأولى و الثانية فيما يؤطر لك شغفك..
بينما تتقاطع الثانية و الثالثة فيما يخصّ احترافك ..
أما الثالثة والرابعة فتحدد مهنتك و صنعتك
وتعود الدائرتان الرابعة و الأولى لتتقاطعا فيما يعّين لك مهمتك و رسالتك الموجهة للعالم من حولك ..
لقد صمم اليابانيون هذا النموذج ضمن النظرية المسماة بـ( الإيكيجاي)و هي كلمة تعني : ما يستحق العيش من أجله ..
ويمكنك أيها الشاب أن تصل للحالة المثلى و التي يطلق عليها ( ايكيجاي) يعني قيمة أو معنى الحياة من خلال ملء الدوائر الأربع عبر عمل أو مشروع واحد تحقق من خلاله ذاتك و تشعر بالسعادة أيضًا.
فما هو دورك الآن؟
دورك هو تحقيق التوازن بين هذه الدوائر و ذلك لا يكون إلا بالتخطيط الجيد لمشروع الحياة فتبحث في مواهبك و قدراتك التي تملكها سجيةً و تحاول أن توظفها لتحقيق دخلك المعيشي و تطوّع شغفك لصالح رسالتك المؤثرة بشكل متناغم و صورة متداخلة دون أن يكون هناك فروق ملموسة بين تلك الدوائر الأربع و دون أن يطغى جانب على آخر مستعينًا بالله متوكلا عليه .. هنا فقط يمكنك أن تكون قد جعلت لحياتك معنى و نظمت شغفك و حددت اهتماماتك دون أن تبقى هملًا بلا عمل أو كلًّا بلا هدف.
دمتم بود